بحركة خاطفة، تعرّت أمامه. لم يكن للخجل مكان. كانت تدرك أن مثل هذه اللحظات ستأتي مذ عادت الخناجر لا تخشى نصل السلطة. عنفُ حركتها جعل خجلاً مؤلماً يجتاحه هو، ويدفعه للانقضاض عليها بوحشية أكبر.
لم تئن. لم تصرخ. لم تستنجد. لم تطلب رحمة. لم تستعطف.
التفّت عروق صمتها حول عنقه. اندلق تمرّدها كورق ورد داخل حنجرته. شعر بأنه ينساب من رأسه كدخانٍ رفيع، ويتراكم في زاوية ما في سقف الغرفة. وجد نفسه مراقِباً ومراقَباً. شاهد جسده القوي، يهتز، يتأرجح، ووركه تتحرك بإصرار، بعبثية ماكينة حفر مهترئة، تهزأ منها صلابة الأرض ورمالها الناعمة. قواه تتلاشى، وتيرته تتباطأ، لكن إصراره يستمر. شاهد ذراعيه تنفصلان عن جسده. تقعان. تتقلّص معدته. ساقاه تتبخران. رأسه يتدحرج عن عنقه، الى حيث تحملق عيناه في انقباض صدره، الذي ما لبث أن لفظ قلبه.
شاهدها تخرج من تحت أشلائه. تقف. تقفز بوثبات صغيرة، خفيفة، متتالية، تتفادى فيها سوائل لزجة سوداء انهمرت منه، لتلتحف بعريها، فيعصف رحيلها بالمكان، تاركاً وراءه عطر زهر الليمون، وكل شيء، رماداً أبيض.
فدوى القاسم
Art |
Buy |
I Am What I Art(c) Copyright Fadwa Al Qasem 2022
|