استيقظت لتجد أنها أصبحت دجاجة صغيرة تشبه أمها، ولا عرف ديك لها كوالدها. ووجدت أن الزغب الأصفر اختفى كليّاً، أو تقريباً، وأنها أصبحت تمتلك جناحين، في نظرها، كبيرين.
خرجت من القن لأنها تخيلته ضيقاً لن يسمح لها بفرد جناحيها الكبيرين كما حلمت منذ أن كانت صوصاً صغيراً. بحثت عن أمها لأنها قررت منذ فترة أن تصطحبها في رحلة جميلة، تحلقان فيها عند قمم الجبال، وتلامسان أطراف الغيوم، لتعودا بذكريات رائعة تعوض أمها عما تحملته. فالدجاجة الصغيرة كانت تراقب أمها، وباقي الأمهات، وما تحملن من حرمان وتضحيات من أجل تربيتهم، هم الصغار، وحمايتهم ورعايتهم طوال فترة نموهم، وهي لا تذكر أن أمها تركتها أو ابتعدت عنها لتستمتع بالتحليق لفترات قصيرة، تنعش فيها روحها قليلاً. والدجاجة الصغيرة اعتبرت أن هذه كانت كبرى التضحيات التي قدمتها أمها، فما فائدة أن تكون طيراً إن لم تطر؟
في المساء، شرحت لها أمها أن الملائكة لم تنتهِ بعد من نسج أجنحتها، وأن هذا الأمر يحتاج المزيد من الوقت، فأجنحة الصغار لا تُنسج سوى من أشعة الشمس المنعكسة عن أوراق الخريف المتساقطة، خمرية اللون.
نامت الدجاجة الصغيرة، مؤجلة حلمها إلى ما بعد الخريف.
لكن أمها لم تنم. لم يخطر ببالها أنها ستصبح مثل أمها هي، وأنها ستعيد إلى الحياة كذبة دجاجية متوارثة، لن تكتشفها ابنتها إلا بعد فوات الأوان، وبعد أن
تكون أمها قد ذبحت وتحولت إلى وجبة شهية.
فدوى
Art |
Buy |
I Am What I Art(c) Copyright Fadwa Al Qasem 2022
|